ماذا بعد الخمس الأواخر..بقلم شيخاني سيدي محمد

ظلت الدولة الموريتانية منذ نشأت كيانها الترابي وحتى الفترة ماقبل التنواب السلمي على السلطة ، حلبة صراع بين تيارات متضاربة المصالح ، وفريسة سهلة للتوترات والنِزعات الإقليمية ، طليقة الإستعمار كُرهًا تُركت بين أنياب بيئة لا تدعم نشوؤ دولة السيادة ، من خطر التنظيمات الإر*هابية إلى النَزعات القبلية والحروب الأهلية في الدول والأقاليم المجاورة ، خاضت الدولة الموريتانية أزمات داخلية وحروب خارجية ، من حرب الصحراء إلى التصدام بين الشعبين الموريتاني وجاره السنيغالِ ، بدءًا بالإنقلاب على أول سلطة وصفت بأنها منتخبة بستفتاء من نخبة التِكنوقراطية أنذاك ، كان لتلك العراقيل شأنها في التأثير على عجلة النشأة المنشودة ، حيث إمتدت تبعاتها لسنوات عدة وأخذ بها طيلة مرحلة الصراع من لم يتحلى أنذاك سوى بمعايير الفترة ليتقلد السلطة ، إستمرت حملة التنواب ألا سلمي على الحكم إلى حين ظهور تيارات لا تتضارب مصالحها وضعت حد لللا سلمية بالا سملية ،بآخر تنواب لا سلمي على السلطة وضع نهاية لتلك الحقبة .

 في بداية مطلع العقد ماقبل سلمية التنواب كان أمام التيار الحاكم إرث من الفوضى نِتاجُ الصراعات التي كان هو نفسه جزءًا منها والصفحة الأخيرة لها ، تحديات داخلية وخارجية، كان الواجب المُلح منها لتثبيت الحوزة الترابية وحماية الحدود في ظل إنتشار التنظيمات الإرهابية داخل وخار البلاد ،عكفت الدولة على محاربة إنتشار الخلايا النشطة لتلك التنظيمات وخاضت لسنوات حربا داخلية وحدودية نجحت من خلالها بالقضاء على تهديدات الداخل والخارج و وضعت من خلال رجال الدين المعتدلين حدا لنتشار إيدلوجية التطرف ، خلال الندوات الفكرية تحث على التسماح وتقديس الإنسان و الولاء للدولة ، كانت تقام تلك الندوات والمناظرات في الجوامع ودور الثقافة وحتى معتقلات أفراد التنظيمات، نجح التيار الحاكم أنذاك في خلق نوع من الإستقرار الأمني والسياسي بين مجتمع الدولة وأفراد الشعب في ما بعد .

 بعد مضي نصف عقد في سدت الحكم كان التيار الحاكم امام أول إمتحان انتخابي خرج منه بنفس الإجابة مرشحًا نفس الوجه ، وبعد مضي النصف الثاني كان التيار أمام الإمتحان الأصعب ، النظرة الأممية والحسابات الخارجية و محاولته نفظ غبار الصراعات القديمة عن صورة البلد ، فرضت كل تلك العوامل حدوث أول تعاقب سلمي على السلطة في البلد وظهر وجه جديد لنفس التيار أو هذا ماعتقدته الغالبية العظمى من الناخبين و السياسين من صفوف المعارضة التقليدية أنذاك .

 في عام 2019 جرى أول تبادل للسلطة بين رئيس منتهية ولايته وآخر منتخب من طرف غالبية شعبه .

نود في هذا المقال محاولة طرح تساؤلات عن مستقبل البلد ما بعد الخمس الأواخر ، أين موريتانيا بعد النصف الثاني والأخير ماسمي مؤمورية الشباب ، هل يَعد عام 2029 بنتهاء عصر الديموقراطية التي تعتبر وليدة الأمس في البلد ولا زالت تترعرعٌ بين مطرقة التحول السريع والغير منْتظم ولا مدروس للشعب البدوي من إمارات القبائل إلى مجتمع دولة القانون وسندان الفساد السياسي وضعف المؤسسات هل بعودة عصر الإنقلابات وصراعات التيارات ، أم أن البلد مقبل على بداية عصر الإزدهار والنمو وترسيخ مبادئ الديموقراطية لتعزيز الأسس لبناء دولة القانون .

للإجابة على هذه التساؤلات يجب طرح سؤال آخر لا يقل أهمية، وهو مالذي تحقق في المأمورية الأولى من شأنه أن يعزز بيئة إستمرار ازدهار البلد وترسيخ أسس القانون أو من جهة أخرى من شأنه أن يكون اساس زعزعة الإستقرار وغتصاب الديموقراطية من البلد الذي لطالما أرست فيه عصفت بها رياح الإنقلابات ،ومن جهة أخرى يجب أن نسأل عن مالذي يجب تعزيزه وتحقيقه في الخمس الأواخر .

بالعودة لتحليل شخص الرئيس الحالي وتاريخه المهني يُمكننا ذالك من إستبعاد إحتمالِ عودة عصر الإنقلابات ، نظرا لأن الرئيس الحالي يمكن وصفه بالخيار الآمن حقًا لأن من خدم البلاد عقودًا وكان أحد صناع الإستقرار الأمني وساهم في الرفع من جاهزية القوات المسلحة والجيش الوطني وله شأنه في المؤسسة العسكرية، بالإضافة إتحييد التهديدات المحتملة ، "في إشارة لسجن الإبن الأول لنفس المؤسسة " ، من هنا يمكننا إستبعاد إمكانية العودة إلى الوراء بسب إنقلاب عسكري 

يعيد السؤال نفسه مالذي يضمن استمرار الإستقرار ، بعد" الخمس الأواخر ".

من الناحية السياسية حدثت إنفراجة فريدة تبلورت في حوار شامل دعى إليه الرئيس الحالي جميع أطياف المعارضة التقليدية ، الأمر الذي كان من شأنه استتباب أستقرار سياسي غير مألوف بين النظام الحاكم ومعظم أطياف المعارضة التقليدة ، أدى الحوار إلى إندثار أطياف وظهور أخرى في صفوف الأخيرة ، مع الحفاظ على توازن العلاقة بينهما ونفراجة سياسية مبشرة.

في ظل ما تحقق على الصعيد السياسي و الحرب الموعودة التي لا هوادة فيها على الفساد والتمكين المنشود للشباب و والوعود بإصلاح المؤسسات ، يبقى البلد في حيرة من أمره هل ستتحقيق العهود المنشودة ويستمر الإستقرار الذي هو أساس الديموقراطية و بين مايترتب على نقض كل تلك العهود من عودة لما وراء الوراء .

ويبقى السؤال مطروحًا :"ماذا بعد الخمس الأواخر ".

آخر تحديث: 20-08-2024 | 09:34

هاشتاك موريتانيا

شارك

حرره

محمد الأمين أحمد

محرر أخبار وصانع محتوى تفاعلي بتكنت منذ مايو 2024

قصص ذات صلة

لحظاتُ من الفَراغ.. بقلم محمد سيدي عبدالله

شبح الشك.. بين الحلم والواقع...بقلم محمد سيدي عبد الله

وزير تمكين الشباب يقوم بزيارات لعدد من قطاعاته.

فيديو الأسبوع