الصغير..النحيل.. بقلم محمد سيدي عبدالله

في طفولتك, أنت المخوّل لجلب الأغراض الناقصة من البقالة، والذهاب في المهمّات الطارئة ركضاً لأجل العودة في وقت سريع، حتى لو كنت متعباً أو عائداً للتوّ من المدرسة.. ليس لديك عذر.وعندما تكبر شيئا فشيئا ستكون المكلّف بتغيير المصباح في السقف، وأحيانا الصعود على كتف أخيك او رفيقك لتصل الشيء المرتفع. 

ربما قد يكون ذلك عملا بطوليا لك لكنه بطريقة أخرى يعرّضك للخطر.

كل هذا لن يكون كافيا ليعفيك من التوبيخ والشتم في حالة تأخرك، او لم تسمع نداء احدهم

في سيارة العائلة أنت مجرّد حشوة صغيرة، بإمكانها أن تسد أية فجوة، 

وفي الباصات أنت لاشيء سوى ورقة نقدية، قد لا يرونك راكباً أو إنساناً، هم لا يقومون بعدّك..

في متاجر الملابس يخبرك الباعة دائما بإن كل تلك القمصان الفضفاضة هي مقاسك، وبإمكانك قصّها وتعديلها إذا أردت، ثم يناولك بنطالاً تدخل كلتا قدميك في جانب واحد منه، ويقول: عليك بالضبط "ألا حده گدكْ"

أما الخواتم فهي لم تصنع من أجلك، أنت بحاجة لدرزن (12) كامل من أجل شهر واحد، نصفها سيفلت من أصابعك دون أن تعلم أين سقطت، والنصف الأخر سيخرجه أصدقاؤك عندما يرونه على مشارف السقوط، ليجربونه على أصابعهم، فيكتشفون بأنه يناسبهم تماماً.

في المنزل إذا تأخرت عن إحدى الوجبات ستجد طعاماً لا يكفي قطة، هذا في حال أنهم تذكّروك أصلاً..

في الأسواق المزدحمة إن لم تجد طريقة لتنجو وتتملص منهم، سيقومون بسحقك، لن يراعوا وجودك، بل لن يتحاشاك أحد، أما أن تهرب وأما أن تُسحق..

أن تكون نحيلاً، يعني بأنك لن تُعامل معاملة الإنسان الكامل، هذا طبعا إذ لم تكن تملك شيئاً آخر، كسلطة أو جاه.. وتلك مأساة.

آخر تحديث: 20-06-2024 | 21:44

هاشتاك آراء

شارك

حرره

محمد الأمين أحمد

محرر أخبار وصانع محتوى تفاعلي بتكنت منذ مايو 2024

قصص ذات صلة

الأدب الأفريقي: تجربة غنية مع أبرز الأدباء والكتّاب

المختار ولد اواه: مطلب تكنت مقاطعة.. هل يضع ولد الغزواني حدا لسنوات من التجاهل والممانعة؟

الساكنون في مزابل التاريخ/ محمد فال ولد سيدي ميله

فيديو الأسبوع