أيها الرئيس؛ حللتم أهلا، ونزلتم سهلا، في ولاية اترارزة، مرحبا بكم باسم العرف التروزي، والأصالة، والوطنية، وفقكم الله في المهام التي أتيتم من أجلها، ورفَع الحجاب بينكم وبين مشاكل اترارزة الجمة.
سيدي الرئيس؛
لعل من لازم فائدة الأخبار لكم، أنه خلال زيارتكم لولاية اترارزة، سيتسابق إليك ما يسمى مجازا "أطر ووجهاء الترارزة" من كل صوب وحدب، سيأتونك زرافات ووحدانا، منافحين عن مصالحهم ومحصنين لمناصبهم، وسيقولون لك -سيدي الرئيس- ما تعودوا على اجتراره لمن قبلك، ممن مكنه الله من رقاب هذا المنكب البرزخي: إنهم معك، و(يحلفون بالله أنهم لمنكم وماهم منكم ولكنهم قوم يفرقون) سيدي الرئيس؛ ليست الأولى، لقد أقسموا قبلها مرارا وتكرارا، فحنثوا ونكثوا، وعادوا ونكثوا، فلا تصدقنهم (إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) أقرصهم في الحديث وعاتبهم وانهر قداستهم ينصركم الله عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين.
لا تحسبنهم – سيدي الرئيس - غافلين عن ذلك الإثم، إنهم يعرفون عقبى الحانثين وعقباك وعقبى من قبلك ومن بعدك، لكنها ذات الأوجه منذ العهد الأول للوطن..إنك بين أكثر من خُلًفوا وخَلفوا ووعدوا فتخلفوا، فقليل منهم من ديدنه الولاء أو البراء.. فلا تغرنك جحافل التأييد تلك، ولا تعجبك أقوالهم ولا وعودهم، فلو وجدوا غيرك لولوا إليه وهم يجمحون.
سيدي الرئيس؛
سيقولون لك أن الأمور بخير، وأن الأهم هو "الأمن والاستقرار الذي تسهرون عليه"، سيضعون أيديهم مبايعين أن لا شيء أهم من ذلك، سيرحبون بك وسينحرون الجزر، وينشدون الشعر، وتسمر لهم الغانيات، ويُتعبون المستضعفين من شعبك في شمس "لكوارب" وغبارئها، لكي يرضونكم سيدي الرئيس، وسيلهونك بأي شيء، حتى لا يتطرف الحديث لمشاكل منتخبيهم العالقة، فذلك حديث " متغشري" لا يتماشى مع ساعات الرولكس و عطور كلايف كريستيان وهدير الرباعيات.
سيدي الرئيس؛
لا تصدقن حديث من أخرصهم الحق، وأنطقهم صرير أمعائهم، فلعلك تدرك، أن آلاف الأمعاء هناك تصرخ ليلا ونهارا، بما اقترفوا من جرائم نكراء بحقها، فليس فيهم رجل رشيد، إنهم شرذمة من اللاشيء بعضهم من بعض، لا يمثلون أحدا، نسوا الشعب فنسيهم إنهم هم الفاسقون.
سيدي الرئيس؛
ستأتيك كل قبيلة تجادل عن موظفيها، وعلية قومها، سيأتيك رجال تحسبهم أغنياء من التمظهر، وتظنهم مجاذيب من أحاديثهم، ولكنهم ليسوا مجاذيب، إنهم الجزء الثاني من المنظومة، يحملون رسائل سياسية، يتكبر هامات المجلس عن ذكرها، يرفعون من شأن رجل، على حساب آخر، ومن مجموعة أو شريحة على حساب آخرى.. إنهم منهم سيدي الرئيس يحملون بقية حديثهم المستور، وخائنة أعينهم، وأوزراهم ساء ما يزرون، فاعرض عنهم، وقاطعهم، (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا).
سيدي الرئيس؛
لا تستعجل نسوة سيأتينك، ثيبات في الحقل السياسي، أبكار في التعبير وامتهان فرض الوجود، سيحدثن ضجة في الخلف، أو على اليسار، ويتظلمن أنهن لم يعطون الفرصة، دعهن يوصلن الجزء الثالث من الرسالة، إنهن البريد الثالث، اسمعهن وغض الطرف عن حديثهن، لدنياك وآخرتك ولشرفك.. نعم شرفك وذوقك..!
سيدي الرئيس
سترى في الخلف مجموعة نيرة من الشباب تزاحم أكتاف أولئك "الأطر"، يلتقطون صور "السلفي"، دعهم يتحدثون، شجعهم على تخطي الرقاب(فهي رقاب قد أينعت وحان تخطيها)
أعرف يقينا، أنهم لن يحدثوك الحقيقة كاملة، لأنهم يخافون على مستقبلهم السياسي "بزعمهم"، ويحسون بالإحراج من الذين أدخلوهم إليك، لكنهم على الأقل سيشيرون لك في مجمل كلامهم إلى حقائق لا تعلمها الله يعلمها والشعب والعهد الذي بيننا.
سيدي الرئيس؛
إذا وقف أمامك عمد البلديات فاسألهم – بربك - عن الذين آزرتهم تآزر؟ منهم؟ وأين يسكنون؟ وكيف تم اختيارهم؟
اسأل عمدة بوتلميت عن آخر العهد بمعهد بوتلميت؟ اسأله لماذا اندثر أهم معلهم تاريخي ثقافي ليس لبتلميت وحدها وإنما لموريتانيا ككل؟
اسأل عمدة واد الناقة عن حال النساء والشيوخ في تيفيريت؟ كيف صحتهم؟ وكيف استطاعوا الحياة هناك رغم انعدامها؟
اسأل عمدة اركيز أين ما قدمه لقلاع العلم هناك؟ بل أي شيء قدمه لقلاع الجهل حتى؟ اسأله أين كان؟ وما هو معنى العمدة في نظره؟
اسأل عمدة المذرذرة، إذا جاءك عن مدارسها الخاوية على عروشها؟ اسأله عن ثانويتها؟ لماذا لا تزال تعيش بلا أساتذة بعد ستين سنة من الاستقلال وهي التي يقال عنها أول مدرسة وطنية؟
اسأل صاحب تكنت عن تكنت؟ ولا تزده على ذلك؟ ربما يكفي..!
اسأل منتخبي كرمسين عن الوضعية الأمنية التي أرهقت سكانها في الآونة الأخيرة؟ حتى عادلت فيها روح البشر روح الدجاج. ثم اسألهم ما هي خططهم لاستفادة سكان كرمسين من الغاز المقبل؟
واسأل منتخبي روصو عن الصرف الصحي الذي تعهدوا به؟ اسألهم عن الزراعة؟ اسألهم عن تفاصيل المشكلة التي أدت لفساد المحصول الزراعي؟ اسألهم عن الحلول التي قدموا لذلك؟ ثم اسألهم ما هي مشكلة ملعب المدينة الذي يجدده كل رئيس ولا يتجدد؟
وحين تنهي أسئلتك سيدي الرئيس، خذ خفيك وارجع بهما، ولا تنتظر الجواب منهم فلسان حالهم كالأخرس حين قال:
ويشغلني فيك الثناء ولم يكن
سكوتي عن ذاك الجواب جوابا
سيدي الرئيس؛
إن كنت تريد الحقيقة كاملة وأنت تعلم بعضها..
فخل ما قيل عن كعب وعن هرم
فللأقاويل منهار ومنهرأ
وتلك أنباء غيب لا يقين لها
وقلما في التنائي يصدق النبأ
دعهم في مجلسهم – ولا تخف عليهم من الرحيل، إنهم صبورون على الانتظار- وزر بنفسك أحياء روصو -على الأقل- وستعلم حينها أن ما يقال هناك لغو ركيك، يندى له الجبين، وحين تدرك ذلك أعرض عنهم وقل سلاما.
أخيرا، سيدي الرئيس؛
خذ هذه الحروف بعين الاعتبار: إن العهد الذي بيننا وبينكم، مجرد كلمة "وخيرت". فقد انتخبتك الناس بها لا بغيرها، فلا تظنهم قرؤوا كتاب تعهداتي، فقد انتخبوك فقط لأنك "ول الصالحين" والرزية في ذلك أنك حين لا تفي بعهدك، لن تخسر كما خسر الذين من قبلك: مالا ومنصبا، وإنما ستخسر كرامة، وسمعة أسرة، هي التي أوصلتك هناك لأن شعبك المسكين لا يزال يحب الصالحين.
مرة ثانية أرحب بكم باسم الصالحين من سكان اترارزة أولئك الأنفسهم كريمة..!
الداه ولد الفتى
موريتاني مقيم في روسيا
مسؤول قسم المقابلات