كانت زيارة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، لمدينة روصو عاصمة اترارزة، هي الرابعة منذ وصوله للحكم؛ استثنائية عن سابقاتها من حيث البُعد الرسمي في جانبها التنموي، وذات مآرب متعددة الأوجه في سياقها الزماني والمكاني، حين يتعلق الأمر بالمنظور السياسي والحديث عن انتخابات تطرق الأبواب.
الزيارة التي اقتصرت على انعقاد ثالث مجلس للوزراء خارج نواكشوط، أو لقاء جرت العادة منذ سنوات أن يجمع الرئيس ببعض أطر ومنتخبي الولاية: جاءت في ظل تذمر شعبي من ضعف الخدمات العمومية في عاصمة الولاية، وتأخر تنفيذ بعض المشاريع التنموية، وفي مقدمتها ملحقات جسر روصو، وهو ما ألمح إليه الناطق الرسمي باسم المحكومة، حين أكد مساء يوم الزيارة، أنهم "غير راضين عن وضعية روصو"، وأن الرئيس أعطى تعليماته بتطوير البنى التحتية ودعم الاقتصاد المحلي للمقاطعة.
الحشود الشعبية
بدت الشعارات السياسية هذه المرة، للحشود الشعبية المستقبلة للرئيس، متباينة عن المظهر الروتيني للزيارات الرئاسية السابقة:
1- حرص العديد من الطامحين لتزكية حزب "الإنصاف" في الترشح لمناصب انتخابية في الاستحقاقات التشريعية والبلدية والجهوية المقبلة، أن ينفردوا بشعاراتهم الخاصة، على حساب التحالفات السياسية المحلية، خاصة على مستوى مقاطعة بتلميت، التي طغى حضورها العشبي خلال مختلف فعاليات الزيارة، وهو ما أظهر حجم الاستقطاب وسخونة التنافس بين نخبها السياسية.
2- غاب زخم الحضور الشعبي المعتاد لأنصار الأغلبية ببلدية تكنت ومقاطعة المذرذرة، حيث لم يسجل أي حضور شعبي لحلف الإطار محمدن ولد حبيب الرحمن، ولا لحلف الوزير السابق سيد ولد التاه، وكذلك هو الحال مع المرجع الصوفي الفخامة ولد الشيخ سيديا، وإن حاول الوزير السابق باب ولد سيدي سد فجوة ولد التاه هذه المرة.
3- حرص أطر الولاية من موظفين عموميين وسفراء في بعض البلدان وأمناء عامين على السفر لروصو والمشاركة في الاستقبالات ولقاء الرئيس بالأطر.
4- ركز الحضور الشعبي السياسي على مهرجان حزب الإنصاف مساء الأربعاء، واستقبال رئيسه عند مدخل المدينة، أكثر منه في استقبالات رئيس الجمهورية، صباح الخميس، في حين ظلت بعض الهتافات السياسية تنادي على ملعينين ولد أييه بـ"الرئيس الثاني".
5- على غير العادة مُنعت الحشود الجماهيرية من الاقتراب من المطار، وتم دفعها إلى الباحة المطلة على المعهد العالي للتكنولوجيا بروصو، حيث مر الرئيس ولوح على المستقبلين، دون النزول من موكبه.
6- دار نقاش ساخن بين مقربات عائليا من القائد العام للدرك الوطني، وبين الوزيرة السابقة الناها منت الشيخ سيديا، استمر لأكثر من ساعة، ما دفع عناصر الأمن لمراقبتهم خوف حدوث احتكاك مباشر، وهو النقاش الذي ثار بسبب انخراط الجنرال المتقاعد أحمد بكرن في حلف منت الشيخ سيديا… أمر دفع "بكرن" للانسحاب من المكان.
7- تذمر العديد من المشاركين في الاستقبالات من فوضوية التنظيم، حيث لم تجد جهودهم فرصة للظهور أمام رئيس الجمهورية، ولا رئيس الحزب، ولم تحظى بتغطية إعلامية.
8- قلص نخب اركيز من حلفي "أهل أحمدووا" و "الحسن ولد الشيخ" من حجم الحشد الشعبي الذي ألِف لديهم سابقا في مثل هذه المناسبات، وظهرت الوزيرة زينب منت أحمدناه، كوجه جديد يحظى ببعض الإجماع والدعم في بتلميت، وهو ما ركزت على إبرازه إعلاميًا.
9- وجد معظم شباب مدينة روصو متنفسا في السهرة الفنية التي نظمتها الوزيرة الناها منت الشيخ سيديا، ودعت لإحيائها بعض نجوم الفن الشبابي في البلد.
10- صُنف الحشد الشعبي من طرف نخب روصو بشبه المعدوم، فيما حرص مقربون من الزعيم بيجل ولد هميد أن يكونوا في مقدمة المستقبلين، خاصة لموكب الوزير الأول محمد ولد بلال.
11- خرج حلف ولد حبيب الرحمن، عن حشود المستقبلين لرئيس الحزب عند مدخل روصو، وفضل أن يستقبل بمدينة تكنت، حيث توقف موكب الحزب لبعض الوقت.
12- طغى طول الانتظار عند مدخل روصو لاستقبال ولد أييه، وكان التدافع قويا، حيث لم يتمكن من النزول من سيارته، واقتصر على التلويح على المستقبلين الذين جاؤوا بالمئات.
زيارة روصو.. ذات أوجه متعددة
يجمع المزارعون في روصو على أن الزيارة حملت قرارات مهمة تتعلق بقطاعهم، ظلت مطلبا شعبيا لسنوات، مبرزين قيمتها في سبيل تحقيق اكتفاء ذاتي، من شأنه خلق أمن غذائي للبلد.
بينما يرى بعضهم أنه تم الاستحواذ عليها من طرف رجال الأعمال، من اتحاد أرباب العمل الموريتانيين.
زيارة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وإن كانت تنموية بامتياز، كما يصفها الإعلام الرسمي، إلا أنها تأتي بعد أيام قليلة من جولة قادت زعيم إيرا بيرام ولد اعبيد إلى مسقط رأسه - روصو، وتلميح مقربين منه، إلى عزمه الترشح لمنصب عمدة البلدية، وتحرك نشطاء للتعبئة له داخل أحياء وبلدات المقاطعة.
كما تأتي بعد أسابيع من منع حزب الرباط الوطني تنظيم نشاط شعبي بالمدينة، كان يتوقع أن يحضره الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، المتهم في قضايا فساد كبرى.
هاشتاك رابع زيارات الغزواني لروصو
قسم تحرير الأخبار وصناعة المحتوى