شهدت العلاقات بين موريتانيا والجزائر تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث سعت الدولتان إلى تقوية الروابط الاقتصادية والسياسية والأمنية، مما جعل التقارب بينهما محط اهتمام محلي وإقليمي. يأتي هذا التوجه في إطار رؤية مشتركة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتوسيع التعاون الاقتصادي عبر مبادرات مشتركة تخدم مصالح البلدين.
زيارات متبادلة
منذ وصوله إلى سدة الحكم في موريتانيا أواخر عام 2018، قام الرئيس الموريتاني بزيارة رسمية إلى الجزائر في ديسمبر 2021، وكانت هذه الزيارة الأولى له منذ توليه الرئاسة. وتضمنت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مجالات الاقتصاد والطاقة والتجارة والنقل والصحة. وأكدت الزيارة على أهمية تعزيز التعاون الأمني في منطقة الساحل ودعم الاستقرار الإقليمي. قبل أن يعود غزواني إلى الجزائر في فبراير 2024، ويطير قبل أيام إليها أيضًا، ليعود أمس إلى نواكشوط بعدما قام بزيارة رسمية بمناسبة تخليد اليوم الوطني الجزائري، حيث التقى خلالها بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
ورغم أن الرئيس الجزائري لم يزر موريتانيا بعد، إلا أن الوفود الوزارية والأمنية التي تأتي من الجزائر بين الفينة والأخرى تؤكد عمق التعاون الذي وصل إليه البلدان معًا.
أين الصحراء من هذا؟
ورغم التقارب الذي يشهده البلدان في شتى المجالات، إلا أن موريتانيا لا تزال تحافظ على موقفها تجاه قضية الصحراء، وهو الموقف المحايد الذي ما فتئت تؤكد عليه في كل خطاب وكل مناسبة. بينما تدعم شقيقتها الجزائر حق الشعب الصحراوي في تحديد مصيره، وتستضيف جبهة البوليساريو المسلحة الساعية لإقامة دولة مستقلة.
مشاريع ومبادرات مشتركة
خلال زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للجزائر في فبراير 2024، أشرف هو ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون على افتتاح معبر حدودي جديد، وإطلاق مشروع طريق يربط بين مدينتي تيندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية. هذا المشروع من شأنه أن يسهل حركة النقل والتجارة بين البلدين، ويدعم التبادل التجاري المباشر الذي يعزز الاقتصاد المحلي في المناطق الحدودية، ويخلق فرص عمل للسكان.
كما أن هذا التعاون الاقتصادي يعكس توجه البلدين نحو إنشاء منطقة تجارة حرة على الحدود، التي ستسهم في تعزيز التجارة البينية، وفتح فرص استثمار جديدة للقطاعين العام والخاص، وتطوير البنية التحتية في المناطق الحدودية.
التعاون الأمني والتحديات الإقليمية
يأتي التقارب الموريتاني الجزائري أيضًا في سياق تنامي التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، حيث يشكل الإرهاب والجريمة المنظمة تهديدًا مشتركًا. وقد كثفت الدولتان تعاونهما الأمني من خلال تبادل المعلومات والخبرات، وتعزيز التنسيق لمراقبة الحدود ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات. ويُعد هذا التنسيق الأمني جزءًا أساسيًا من الجهود المبذولة لضمان الاستقرار الإقليمي ومواجهة المخاطر التي تهدد أمن البلدين.
تعاون سياسي ودبلوماسي
سياسيًا، تعمل موريتانيا والجزائر على توحيد المواقف في الملفات الإقليمية والدولية، كالقضية الفلسطينية، والتعاون في إطار الاتحاد الإفريقي. ويعكس هذا التقارب رغبة البلدين في تقديم نموذج للتعاون المغاربي بعيدًا عن الخلافات السياسية التقليدية، حيث يشدد قادة البلدين على أهمية الحوار وحل النزاعات بطرق سلمية، بما يسهم في تحقيق التكامل المغاربي.
مستقبل العلاقات: تطلعات وآفاق
يتوقع المراقبون أن يستمر هذا التقارب ليشمل مجالات أخرى، كالتعليم والثقافة والصحة، مما يعكس الرغبة المشتركة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجزائر ونواكشوط. ويعبر هذا التقارب عن رغبة البلدين في بناء علاقات مستقرة ومتينة، وتجاوز التحديات من أجل مستقبل أكثر تعاونًا وازدهارًا.
تشير خطوات التقارب بين موريتانيا والجزائر إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية التي تلبي طموحات البلدين وشعبيهما.
هاشتاك الجزائر
محرر أخبار وصانع محتوى تفاعلي بتكنت منذ مايو 2024