تحت مظلة أعرق وأوفى وأخلص مكتب يمثل الموريتانيين المقيمين في غامبيا ويحمل مشعلهم منيرا في المحافل الوطنية في البلد المضيف، كان -وما يزال- مكتب الجالية الموريتانية في غامبيا، الذي يرأسه بإجماع وجد وإخلاص ووفاء، وبرصيد فائض من الأخلاق الرفيعة: السيناتور أحمد ولد سيد ولد الب Ahmed El Alem وبعضويةِ نخبةِ النخبة من الوجهاء والأعيان والأئمة والأساتذة الفضلاء والشباب، رجال الأعمال الذين يحرصون كل الحرص في معاملاتهم البينية، وفي تعاطيهم مع الشعب الغامبي، على إيصال الرسالة النبيلة التي حملها -قديما- الشناقطة المرابطون إلى مشارق الأرض ومغاربها، تلك الرسالة التي ترجمها ببلاغة وبيان العلامة الجليل المختار بن بون حينما قال:
ونحن ركب من الأشراف منتظم
أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة
بها نبين دين الله تبيــــــانـــا
نال مكتب الجالية الموريتانية في غامبيا لعقود مضت "درجة التميز" في سجلات التقويم السيسيولوجي لخبراء البلد المضيف بعد مساهماته المشرفة والميدانية في ترسيخ جذور العلاقات الموريتانية الغامبية الممتدة عبر التاريخ من رمال الأطلسي في شواطئ الرأس الأبيض غربي داخلة نواذيبو، إلى بوابة (الآج) وسط بانجول مرورا بسهول شمامه على ضفة النهر السنغالي، وانتهاء بمعبر (بارا) المحاذي لنهر غامبيا، حيث ترسو قوافل الموريتانيين لاستراحة شاي منعنع، يتقاسم كاساته على مائدة الأخوة مَن حضرَ من الأشقاء السنغاليين والموريتانيين والغامبيين، مع الغياب الطوعي للفوارق الاجتماعية المنبوذة، والحضور اللافت للقواسم المشتركة والروابط المتداخلة بين أبناء الشعب الواحد رغم اختلاف الجنسيات.
فماذا عساه يقال في حضرة سفراء المجد والإباء والإخاء... بجمهورية غامبيا، والذكرى تعود بنا إلى تلك الرحلات المتتالية على متن عَبّارة "لفيره" العريقة بين ضفتي بانجول حاضنةِ "جالية الإيثار" كما أستمرئ تسميتها.
أتذكر تعاقب القوارب الصغيرة، جيئة وذهابا، وكأنها تسطر بأمواج البحر الهادئ صفحات من ذكريات الماضي الجميل والحاضر المشرف لوجود أناس كرماء ممن يمثلون صفوة الشعب الموريتاني في بلدهم الثاني، وصمام الأمان لكل مواطن في المهجر يحمل بطاقة تعريف وطنية أو جواز سفر للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
أتذكر تلك الهبة التضامنية، بين الفينة والأخرى، التي تجعل الجالية تخرج فجأة عن بكرة أبيها كلما اعترض عارض الطريق أمام أي موريتاني في بانجول أو سيراكوندا أو في بيركاما او باكاو... أو همً بإلحاق أذى - مهما كانت طبيعته - بأي فرد من أفراد جاليتنا المحترمة، سواء في افارافينيي، أو باسا، أو سوما، أو غيرها من المدن والأحياء الغامبية.
تذكرت الكثير، والكثير... لكن الذي لم تسعفني به الذاكرة من الأحداث التي لم يكن لها، حسب رأيي المتواضع محلا من الإعراب آنذاك ...! ربما لأنها وليدة هوى، حصل فيما بعد، عند البعض ممن يبدو( جهلا منه أم تجاهلا للتاريخ) وكأنه ينظر إلى الجالية الموريتانية في غامبيا من مَراءٍ متكسرة، يبحث عن ذاته في كل قطعة منها على حِده!. نعم؛ يبحث عن ذاته!. و لكن الصورة التي يريد لَمَّا تكتملْ.
فالجالية الموريتانية المقيمة في غامبيا جسد واحد، وقد آثرت على نفسها أن تكون جسرا منيعا للتواصل والتآخي بين جميع أفرادها من جهة، وبين البلدين - حكومة وشعبا - من جهة أخرى.
وقد كان لها ذلك .
الجالية الموريتانية في غامبيا لن تكون - وتأبى أن تكون - في تعاطيها مع التحديات المفتعلة كالجليد الصلب الذي يتجمد في موسم ويذوب أمام آخر فقديما قيل:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراّ
وإذا افترقن تكسرت أفرادا .
تحياتي
المختار باب احمدو
صحفي مهتم بقضايا الجالية الموريتانية في غامبيا
قسم الأخبار