إن من يريد الحديث عن واقع قطاع التعليم في بلادنا والمشاكل التي يعاني منها يجد نفسه ولسان حاله ينشد قول الشاعر:
تكاثرت الظباء على خراش
فما يدري خراش ما يصيد.
لا أعرف من أين أبدأ الحديث ولا إلى أي مدى سأنهيه...
لكن سأحاول وبشكل سريع سرد بعض النقاط والمعوقات التي تمخر جسم هذا القطاع الحيوي، وذلك انطلاقا من تجربتي الميدانية والمتواضعة والقصيرة في هذا القطاع والبالغة ست سنوات، وذلك ما مكنني بالخروج بالملاحظات التالية:
1 _ضعف المستوى لدى أغلب التلاميذ _وهنا أتحدث عن التعليم الثانوي بمرحلتيه_الإعدادية والثانوية، وهذا الضعف الملاحظ يرجع في نظري إلى أسباب متعددة لعل من أهمها:
أن أغلب الذين يتجاوزون إلى السنة الأولى من المرحلة الإعدادية لم يكن لهم أدنى مستوى معرفي يخولهم الولوج إلى هذه المرحلة، وهذا ما يجعلنا نطرح التساؤلات التالية:
أ) من المسؤول عن نجاح هؤلاء في المسابقة؟؟
ب) كيف نجحوا؟ هل يتم تسريب الاختبارات إليهم قبل الامتحان؟ أم أنهم نجحوا عن طريق اختلاس بعضهم من بعض وهذا الاحتمال الأخير مستبعد نظرا لضعف الجميع أو السواد الأعظم منهم؟؟.
ومن سلبيات هذه الظاهرة أنها تؤدي إلى اكتظاظ كبير داخل الفصول، الشيء الذي يصعب معه تقديم الدروس كما ينبغي ...
ومن المفارقات وغريب الصدف أن تجد تلميذا رسب في امتحان التجاوز نهاية السنة الدراسية المنصرمة، فإذا به يتصدر لائحة المتجاوزين إلى المرحلة الموالية..
2 _البنية التحتية للمؤسسات التعليمية:
إن مظهر أي مرفق عمومي يعكس مدى أهميته لدى الدولة والمكانة التي تولي له، لذلك فالمظاهر مهمة والاعتناء بها ضروري؛ فالزائر اليوم لمؤسساتنا التعليمية سيلاحظ الإهمال الكبير والفوضوية التي تعيشها هذه المؤسسات: أبواب مكسرة ونوافذُ محطمةٌ وجدران مهدمة.
هذه الوضعية السيئة تترك أثرا سلبيا عن القطاع لدى المجتمع والتلاميذ وحتى الأساتذة على حد سواء..
3_ المصارد البشرية:
من المعلوم أن العمود الفقري والركيزة الأساسية التي عليها تقوم العملية التربوية هو المدرس الميداني، فأي إصلاح لم يأخذ بعين الاعتبار تحسين ظروف المدرس المادية والمعنوية سيبقى إصلاحا أعرجَ وناقصا، فما دام راتب الأستاذ في أدنى سلم الرواتب مقارنة بغيره من الموظفين ممن هم دونه في المستوى الدارسي والتحصيل المعرفي، فعلى الحكومة أن تعلم أنها "تضرب في حديد بارد"، وأن القطاع - والحالة هذه - طارد لموظفيه ولن يكون لا في الحاضر ولا المستقبل الوجهةَ المحببة لأصحاب الكفاءات، ولن يلجأ إليه إلا من اكتوى بنار البطالة وسئم الفراغ ودق كل الأبواب وعاد من رحلة التيه الطويلة للبحث عن وظيفة لينتهي به المطاف مدرسا، أو على الأصح عاملا مقابل الغذاء.. فلا زلنا ننتظر الوعد الذي وعدنا به الوزير الأول من أنه "سيحبب إلى المدرِّس مهنته".
4- التحويلات:
إن الموظف أيا كان عليه أن يكون مستعداً للخدمة في أي مكان من وطنه الحبيب رغم صعوبة الظروف واختلاف الطقس وبعد الشقة...
لكن الذي يحز في النفس ويجعلك تشعر بالظلم والإحباط هو عدم وجود أي معيار على أساسه يتم تحويل الموظفين فترى الخريج هذه السنة وقد حول إلى العاصمة أو إلى أي مكان يرغب فيه، بينما تجد الآخرين كل سنة يوجهون طلباتهم بالتحويل ولايعرفون أي طريق سلكت ولا أي درج ولا رف من رفوف الوزارة يضمها، والمؤكد أن عامل النظافة رماها في سلة المهملات.
عبد الله ولد سلما/ أستاذ بثانوية تمبدغة
هاشتاك التعليم
قسم تحرير الأخبار وصناعة المحتوى