ظاهرة الإكثار من الأدب جريمة أخلاقية../ عمر ولد عداه
ظاهرة الإكثار من الأدب جريمة أخلاقية../ عمر ولد عداه
تأسست أركان الأدب في هذه البلاد منذ عصور من الزمن على مفاهيم القيم والأخلاق الضرورية لاكتساب القيمة المعنوية في مجتمع عربي الطبع؛ ترجع أكثر عاداته وتقاليده إلى التعاليم الدينية، وما يستوحى من ثقافة الشعر العربي القديم مما فيه تأثير مباشر على النفوس وصونها عما يخل بالكرامة أو يحد من مكانتها الاجتماعية، ومن أشهر القصص التي تروى في هذا السياق دلالة على عظمة الشعر العربي عند أسلافنا ما يحكى:
أن العلامة والشاعر محمد بن الطلبه مر هو ورفقته بأسرة ولم تبال بضيافتهم وعندما انصرفوا عنهم قال ابن الطلبه لقومه ليس من المنطقي أن هؤلاء (يعني الأسرة المذكورة) يحفظون أربعين بيتا من شعر العرب فاختبروهم فكانوا كذلك.
وبهذا الاهتمام البالغ خرج أجيال أمس فطاحلة أفذاذا تربعوا على عرش الإبداع المؤثر حتى أصبح للشعر مكانة خاصة عند الأمراء والفرسان، وعن هذا التأثير تحدثنا قصة أحد أمراء اترارزة حين أشهبت السنة وأجمع أمره على أن ياخذ العشرَ من كل أسرة فجاء بعض أعوانه إلى أحد الشعراء وأظنه الطيرش ولد انگذي فأراد أن يعتذر عن دفع العشر منكتا بأسلوبٍ المحْصر الماجن قائلا:
يالراسل مخبر@ ما سلتك عن شر
شاعر فات اكبر@ يگدر يعشر
فضحك الأمير حين سمع الگاف متجاوزا عنه.
وقصة وفد اليعقوبيين الذي مر بأمير آدرار أحمد ولد عيدّ وجِمالهم أحداث السن "آكراژه" فقال ممازحا:
"يـ طلبْتي امراكيبكم اسغار حت"، ومن طرائف الصدف أنه إذ ذاك في بداية توليه للإمارة فأجابوه:
"الا انتيجكم" يقصدون أن سابقيه من الأمراء كانوا يغتصبون جمالهم...
شذرات من تاريخ أدبنا الرفيع تمنحك الصورة التامة عن الأدباء والمميزات التي أكسبتهم ملاحة القول ورقة اللفظ وسرعة البديهة...
وليعلم المتطفلون على الأدب المكابدون له جهدهم أن الأدب يتنافى مع مسايرة جميع اللحظات وإنما هو تعابير بليغة تحز المفصل في مقاصد نادرة.
فليتنا نتيقن ثقة بآثارهم أن الأدب نافذة على جميع الفنون ناهيك عن المروءة ومتعلقاتها.
وتوافيك القصائد الفارغة واطلع في الساعات الأولى من كل يوم يسمح فيه مارك بالنشر على صفحات الفيسبوك ممن ليس يملك من دواعي الفتوة إلا أنه ينتسب لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين.