الطفل المغفّل/ أحمد بدي

صبي أتى إلى هذ العالم، غريب عليه، تبصر أشياء في بيئته صدقها دون التفكير فيها أو في البحث عن كنهها وحقيقتها.

ظن أن العالم كله يرى ما يرى هو بعيني رأسه، ويسمع ما يسمعه بسمعه، وأن له ذلك الشعور الذي طالما رواده في حله و ترحاله. لم يخطر في باله يومًا أن للإنسان ثمة شيءٍ يميزه عن سائر الكائنات الحية الأخرى، وأن له ماكنة بصنع إلهي معجز، وأن بإذن لله وبتلك، طُور هذ الكون… أصبح لكل شيءٍ حل بيّن.

كأنه كان على خطء حينها بسبب اعتقاداته التي ضيق بها مساحة التفكير الخاصة به، كان حينها مؤمنًا بأن كل من بلغ العشرين فما فوق، يستحيل خطأهُ باعتقادهِ، وأن الصبيان هم من يخطؤون لا غير.

اكتفينا بتلك الكلمات التي نسمع أمهاتنا يبررون بها أخطاءنا عند الغير، شفقةً علينا من ضرره عند الخطأ في حقه: 

"اسمحلو هو اطفيل اصغير ماه عاقل".

صدقناها حق التصديق ووضعنا في نفوسنا أننا صبيان ليس لنا عقل يحجز بيننا والأخطاء، ومشينا خطانا نحو المجهول، كلما اعترض مذهبنا  بشخص، نظرتنا له موحدة ومن زاوية واحدة وهي من ظاهره لا من خلفه، إن قيل لنا أنه صالح حسبناه كذلك دون التفكير في تناقض أفعاله الظاهرة التي يظن الصبي بها أنه ليس فاعلًا إلا الصواب، ويخطون خطاه  بظنهم أنها كذلك، فينعكس الأمر عليهم وتكون الضحية أجسادهم البريئة التي يضربون عليها بأسلاك الكهرباء الخاصة بتوصيله في أطراف غرف المنازل.

الصبيان يؤمرون من طرف أولياء أمرهم ثم ينفذون، لكنهم سيرون ما يفعل الناس سواءً من صالح وباطل ويصيبهم الفضول لفعل كلما اشتهوه منهما.

وفي الأخير: فإن الصبي يلد على ما تعيشه بيئته، سواءً كانت التوجيهات من ذويه دائمة الحضور حتى ولو كانت تحت التهديد المباشر، إن لم يفعل ما رآه عند الغير سيفعله عندما يكبر. ولذلك علموا صغاركم على استخدام العقل في الأفعال لأنه الوحيد الفاصل و المميز بين أصناف البشر

و إلا سيكون "الطفل المغفل".

آخر تحديث: 29-10-2024 | 16:14
شارك

حرره

عبد الله الخليل

قسم تحرير الأخبار وصناعة المحتوى

فيديو الأسبوع