صحيح..
لقد تمت تغطية زيارة رئيس الجمهورية لولاية تيرس زمور إعلاميا من قبل مجموعة من المؤسسات الاعلامية المحترمة، وقد تابعت تفاصيل الزيارة وما حملته من إنجازات مهمة لسكان المنطقة ومستقبل الاقتصاد الوطني، أعرف أن هذا يقاسمني فيه كل قرائي المحترمين بل والموريتانيين جميعا.
لكن دعونا نلق نظرة على الجانب الآخر للزيارة، نقرأ قليلا بين سطور تلك التفاصيل تحديدا في لقاء فخامة الرئيس مع الأطر.
إن الخطاب الوطني الذي ألقى ظلاله على كافة تفاصيل اللقاء؛ لم يكن مفاجأة على الأٌقل لمن تعود سماع خطابات رئيس الجمهورية.
لكن محل الاستغراب كامن في جمع وتذكر كل المداخلات والرد عليها بتأن عظيم: "لست مستعجلا أبدا عنكم"..
وفي سماحة رحيمة: " لقد قلت هذا الكلام صباحا، ولكن سأعيده لعل أن يكون من بين الجمع من كان غائبا في الصباح".
وسعة أفق وطول باع تتفرع حسب مجال كل مداخلة، وتجتمع في بنية كلية أساسها الإحساس بالوطن ورعاية المواطن: "إن استخراج الذهب له فوائد عظيمة على الوطن والمواطن، ولكن لن يستخرج أبدا في حال يلحق الضرر بأي مواطن".
هذا المستوى الكبير من فهم الآخر والموقف والمكانة، والجمع بين هذا الثلاثي دون إخلال جعلني أتوقف إعجابا وتعجبا، خصوصا حين اتخذ الرئيسُ المواطنَ بوصلة وموجها لكل الردود، مع تحديد الأجوبة واختصارها على الكافي المفهوم الذي يوحي بصورة أو بأخرى إلى مفهوم "طرد الهم" عند ابن حزم الأندلسي في رسالته الخالدة.
إن عبارة كهذه في فقه الحكامة تؤدي أدوارا أخرى في فقه الخطابة، حين يكون المحكوم المرجع الذي يعتمد عليه الحاكم في إطار محكوميته واضعا إياه نصب عينيه في كل أعماله بل وتفكيره وردوده.. وما دام المواطن مركز الاهتمام "فقل حي على البناء".
ثم إن الثقافة الشاملة لكل المجالات والمهارة اللغوية بكل أقسامها مع الثقة في المعلومات جعلت من اللقاء درسا في فن الخطابة وأنزلت على رؤوس الحضور طير السعد حين استرقهم الخطاب من ضيق ماهم فيه من تجارب إلى رؤية واضحة وروية تأسر الأذن والقلب..
الخلاصة أن الزيارة رغم هدفها الأساسي المتمثل في إنجازات تحققت وتتحقق بفعل الحكم الرشيد إلا أنها أشبعت فضول أهل اللغة والمنطق والكلام بمفاهيم جديدة في علم البيان، وأضافت للسياسة المحلية لونا جديدا ربما يكون له ما بعده في تحسين الخطاب السياسي.
النائب/ الداه صهيب
هاشتاك الداه صهيب
قسم تحرير الأخبار وصناعة المحتوى