.. وعلى مد البصر الخاسئ يرتجي زفاف البراءة في محراب التحقيق.. شدّ يدَه اليسرى بيمينه في لحظة انفعال ذاتي داخلي؛ فيه ما فيه من كل شيء..! ثم استرسل طويلا في ساعة تأمل دقيقة كالسراب.
تقافزت في رأسه مجموعة أسئلة وأفكار، ثم قال في نفسه -وهي التي سودته- هل فعلا أنا كما يقولون: ظالم؟ مفسد؟؟ هل أنا حقا عنيف؟ أعاد السؤال على ذاته مرتين ولم ترد بلطف .. إنها ذاته هو..!
لم تسعفه أفكاره كعادتها وظلت تحجب عنه الجواب الكاذب الذي يبغي، كما حجب عنه جدران غرفته تلك الفجرَ الكاذب الذي بدأ يتنفس مجانا على الآخرين.. على المحرومين.. على المظلومين في فلاوات الوطن المسروق..
اعتدل في جلسته ثانية مسندا ظهرَه على جدار غرفته قبالة الباب ثم استرجع كل شيء من ماضيه المتلون بنواقيس العنف وعتمة الكبرياء، واسترجع الأحداث كلها بالتواريخ والأسماء والأماكن.. 2005.. البيان رقم واحد .. 2008 .. مثلث الفقر .. ولد بوعماتُ.. الرصاصة.. السنوسي ..قطر .. دعاة المأمورية.. المرجعية.. لجنة التحقيق .. ثم فكر في شكل كرسي العدالة الذي لم يعرفه من قبل..
ثم فكر..! وليته قدّر هذا الموقف يوما .. ثم فكَّر
سمع في صدفات ذلك التفكير المتصارع (منطقا وأملا) بيانا كان قد سمعه سابقا لحزب سياسي معارض "متيقن" استرسل كاتبه فيما معناه أن الأرض يرثها عبادُ الله الصالحون .. أرجعَ العقل في قصد ذلك البيان مرتين ثم فتح عينيه ببطء متأملا في حقيقة الخلف وحال وطن جاءه يبكي وغادره يصرخ.
ما هذا بحق الحياة تسائل.. هل يُعقل أن بيني وبين الحياة معارك لا تنقضي؟ ما هذا القدر؟ أي يأس من السلام هذا الذي لا يغلب!
..جلس مقرفصا واستعصم بحده من الفطرة التي همست في أذنه: إن الظلم يا عزيز لا يدوم والرهان له حدود .. وشيطان العنف لابد أن يُحرق ويرمى برثاته تحت أقدام المظلومين .. ليكحّل الله بالعدل عيون أمة أضعتها قبل حين ..
هاشتاك الرئيس السابق الداه ولد الفتى
قسم تحرير الأخبار وصناعة المحتوى